التخطي إلى المحتوى الرئيسي

{كتاب} : الاسلام وقضايا العصر






لتحميل الكتاب أضغط هنا

- من متن الكتاب
العامل الثقافي وأثره على التنمية:
إن دول العالم الثالث التي نجحت في قطع شوط واعد على طريق التنمية يبشر بالنجاح، تضم دولاً ذات غالبية إسلامية كماليزيا واندونيسيا وتركيا، كما تضم دولاً تدين بالبوذية مثل كوريا الجنوبية، وأخرى تغلب عليها الكونفوشية كتايوان والصين وهونج كونج، ومزيجً منهما كاليابان؛ الأمر الذي يدل بجلاء على أن الدين، أياً يكن هذا الدين، ليس عاملاً سلبيا،ً بل إنه إيجابي. وذلك لأن الأديان كلها لها جوانب أخلاقية إيجابيةن تهدف إلى تقويم سلوك الفرد إزاء الآخرين، ومن ثم إيجاد مجتمع ينعم بالتعاون والرخاء والسلام.
وكما يلاحظ الدكتور أبو بكر السقاف "فإن وراء أصالة الثقافات تاريخ خاص بكل منها، وهذا التاريخ سند للإنسان المعاصر الذي ينتمي إلى هذه الثقافة أو تلك، ومن الصعوبة بمكان تصور هذا السند الروحي حياً ومؤثراً في الواقع إلا إذا أصبح جزءاً من حياة الفكر المعاصرة وعندئذ نجد الاستمرار الثقافي ماثلاً في شتى مجالات الحياة المعاصرة". كتابات (1) ص ،197م 14 أكتوبر عدن.
والدين بعد له فضاءاته الروحية الخاصة خارج الجوانب العملية لحياة الإنسان التي يتعلق بها فعل التنمية، وهو يقدم أجوبة على أسئلة لا يوجد لها جواب شاف في غيره؛ فلا غرابة والحال هذه، أن يخرج عالم هندي من غرفة عمليات إطلاق الصواريخ الحاملة للأقمار الصناعية، إلى ساحة معبد يقدم فيه القرابين والدعوات إلى بقرة بيضاء مقدسة. وبالمقابل فإن العلمنة المتطرفة لتركيا وجهود التغريب الحقيقية لم تجعل التجربة التركية تتفوق على المثال الماليزي.
لقد أثبت التاريخ المعاصر المشاهد بما لا يدع مجالاً للشك إن التخلف الاقتصادي والعلمي والتكنولوجي لا يمكن أن يعزى إلى الموروث الثقافي لأي مجتمع، حيث أن كل مجتمع بما هو إنساني، قابل للكيف واكتساب المهارات التي تتناسب مع توجهه الاقتصادي أو الحضاري عموماً، ومع مستوى تطوره في كل فترة، دون أن يكون للثقافة الموروثة وللدين منها بالذات، أي أثر معيق أو سلبي. بل أن السياسات المحاربة للثقافات الموروثة، أثرت سلبياً على التنمية لما أثارته من صراعات غير مجدية. فالهند الهندوكية تشهد نهضة هذه الأيام وكذلك مجتمعات إسلامية أخرى كباكستان، كما توجد في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية مجتمعات مسيحية متخلفة.
وأهم ما يتعلق بالبعد الثقافي وأثره على التنمية هو المحتوى الذي يصبغ به المجتمع المعني، سواء في العلاقة بين الشرائح والطبقات الاجتماعية المكونة للمجتمع أو علاقة الدولة بالمجتمع كسلطة، أو فيما يتعلق بعلاقة المجتمع المعني بالمجتمعات الأخرى، كما سنرى لاحقاً، وهي إشكاليات ينبغي حلها ديمقراطياً وفي غمار العمل السياسي من أجل الديمقراطيةن والتي يتم الحل سليماً من خلال آلياتها.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

{كتاب} : الفن الحديث

لتحميل الكتاب أضغط هنا  - من متن الكتاب  كان لأربعة من فلاسفة أواخر التاسع عشر وأوائل القرن العشرين أكبر الأثر على علم الجمال المعاصر. ففي فرنسا عرف هنري بيرجسون العلوم بأنها موهبة خلق نظام من الرموز التي يفترض أن تصف الحقيقة وفي نفس الوقت تخدعنا عنها. وأن الفن يقوم على الحدس الذي هو الإدراك المباشر للحقيقة بدون وساطة التفكير. ولذلك فإن الفن يخترق الرموز والعقائد عند الناس والحياة والمجتمع ويضع الإنسان أمام الحقيقة وجهاً لوجه. وفي إيطاليا مجد الفيلسوف والمؤرخ بنديتو كورسي الحدس ولكنه اعتبره الإدراك الفوري للشيء والذي يمنح هذا الشيء شكله. وأنه إدراك الإنسان للأشياء قبل أن يفكر فيها. وأن الأعمال الفنية هي التعبير المادي عن الشكل وعن هذا الإدراك، أن الجمال والقبح ليسا صفتان للعمل الفني ولكنهما من صفات الروح التي عبرت عن نفسها بالحدس  في تلك الأعمال الفنية. أما الفيلسوف والشاعر الأمريكي جورج سانتايانا فقد جادل قائلا: أنه عندما يحس الإنسان بالسرور من شيء ما فإن ذلك السرور يمكن اعتباره صفة للشيء ذاته بدلاً من اعتباره استجابة ذاتية للشيء، بالضبط كما يقوم الإنسان ب

{كتاب} : الفن الأفريقي

للتحميل   أضغط هنا  - من متن الكتاب  نتناول هنا الفنون التشكيلية وفن العمارة في المنطقة الجغرافية التي اصطلح على تسميتها إفريقيا جنوب الصحراء. ذلك لأن الصحراء الإفريقية الكبرى تشكل حاجزاً طبيعياً بين الشمال الإفريقي الواقع إلى الشمال من الصحراء، والمنطقة الواقعة جنوب الصحراء. وهذا حاجز جغرافي وثقافي في آن معاً. وعلى الرغم من وجود قدر من التداخل بين السكان على جانبي الصحراء، فإن التباين الثقافي والتاريخي كبير وواضح. وهو ما يجعل دراسة الفنون الإفريقية شمال الصحراء تندرج تحت عناوين الفنون الإسلامية والقبطية والمصرية القديمة. ويمكن رصد الفن والثقافة الإفريقيين عبر فترة زمنية طويلة ترجع إلى زمن مبكر جداً يصل إلى العام 25500 قبل الميلاد، ويمتد إلى الوقت الحاضر. وأول النماذج المبكرة التي وصلت إلينا من الفن الإفريقي القديم، هي صور الحيوانات المرسومة أو المحفورة على صخور الكهوف في ناميبيا. وترجع صور الحيوانات المرسومة أو المحفورة في الصخور في الصحراء إلى ما بين عام 6000 وعام 4000 قبل الميلاد. هناك فن يرجع إلى فترة زمنية لاحقة في الصحراء، يصور الأنشطة الطقوسية والرعي وتجهيز الطعام. أ

{كتاب} : دراسات نقدية فنية وأدبية

لتحميل الكتاب أضغط هنا   - من متن الكتاب  قراءة في شعر الزبيري ينسب شعر الزبيري من قبل الدارسين إلى الكلاسيكية الجديدة وإن كانوا يوردون له بعض القصائد التي يقولون أنها رومانسية؛ ومن هذه القصائد الشهيرة قصيدة (البلبل) التي مطلعها: بعثت الصبابة يا بلبل                 كأنك خالقها الأول غناؤك يملأ مجرى دمي                 ويفعل في القلب ما يفعل إضافة إلى قصيدة حنين الطائر التي مطلعها: أملٌ غيرُ متاح وفؤادٌ غير صاح أنا طيرٌ حطمَ المقدور                 عشي وجناحي ورماني في نثارٍ                 من دموعي ونواحي أما بقية شعره فإن الدارسين لشعر الزبيري ومنهم الأستاذ/ عبد العزيز المقالح والأستاذ/ عبد الله البردوني فإنهم ينسبونه إلى الكلاسيكية الجديدة؛ ولكنني أخالفهما الرأي وأعتقد أن الزبيري تجسيد للرومانسية، فإذا كانت الرومانسية تعني التحرر من القيود والتحلل من كل أشكال الروابط التي تجعل الإنسان على غير سجيته ومن ثم يكون نزاعاً إلى الحرية التي تتمظهر غالباً بالتمرد على السلطة سواءً كانت سلطةً سياسةً أو دينية أو ثقافية. وهذا النزوع الرومانسي