التخطي إلى المحتوى الرئيسي

{كتاب} : الفن الأفريقي


للتحميل أضغط هنا 

- من متن الكتاب 

نتناول هنا الفنون التشكيلية وفن العمارة في المنطقة الجغرافية التي اصطلح على تسميتها إفريقيا جنوب الصحراء. ذلك لأن الصحراء الإفريقية الكبرى تشكل حاجزاً طبيعياً بين الشمال الإفريقي الواقع إلى الشمال من الصحراء، والمنطقة الواقعة جنوب الصحراء. وهذا حاجز جغرافي وثقافي في آن معاً. وعلى الرغم من وجود قدر من التداخل بين السكان على جانبي الصحراء، فإن التباين الثقافي والتاريخي كبير وواضح. وهو ما يجعل دراسة الفنون الإفريقية شمال الصحراء تندرج تحت عناوين الفنون الإسلامية والقبطية والمصرية القديمة.
ويمكن رصد الفن والثقافة الإفريقيين عبر فترة زمنية طويلة ترجع إلى زمن مبكر جداً يصل إلى العام 25500 قبل الميلاد، ويمتد إلى الوقت الحاضر. وأول النماذج المبكرة التي وصلت إلينا من الفن الإفريقي القديم، هي صور الحيوانات المرسومة أو المحفورة على صخور الكهوف في ناميبيا. وترجع صور الحيوانات المرسومة أو المحفورة في الصخور في الصحراء إلى ما بين عام 6000 وعام 4000 قبل الميلاد. هناك فن يرجع إلى فترة زمنية لاحقة في الصحراء، يصور الأنشطة الطقوسية والرعي وتجهيز الطعام. أما أقدم المنحوتات الإفريقية فترجع إلى ما بين الأعوام 500 قبل الميلاد و 200 بعد الميلاد، وهي عبارة عن تماثيل لرؤوس أشخاص أو حيوانات  مصنوعة من الطين، وترجع هذه التماثيل إلى وسط نيجيريا. ومن النماذج التي نجت من عدوان الزمن حتى وصلت إلينا، نماذج للفن الإفريقي ترجع إلى الفترة ما بين القرنين الرابع عشر والسابع عشر بعد الميلاد. وعلى أي حال فإن معظم الأعمال الفنية الإفريقية المعروفة حديثة نسبيا، وترجع إلى القرن التاسع عشر الميلادي وما بعده. وقد تمكن القليل جداً من نماذج الفن الإفريقي من البقاء والوصول إلينا. ويرجع ذلك  بصورة أساسية إلى أنها كانت تصنع من مواد قابلة للتلف بمرور الزمن، مثل الخشب والقماش وألياف النباتات، هذا من جهة، ومن جهة أخرى كان الاستعمال المكثف للنماذج الفنية في الاحتفالات التي تتخلل الحياة اليومية، يؤدي إلى استهلاكها، ومن ثم يمنعها من الصمود لعوادي الزمن. ويبني دارسوا الفن الإفريقي فرضياتهم عن الفن الإفريقي القديم على النماذج العائدة إلى القرنين الماضيين، ولكنهم يخرصون فيما يتعلق بالتقاليد الفنية التي تطور عنها الفن الإفريقي المعاصر.
ولا يضم الفن الإفريقي طريقة أو تقليداً واحداً، ذلك أن إفريقيا قارة شاسعة الأبعاد فيها مئات من الثقافات التي لكل منها لغتها الخاصة بها، وعقيدتها الدينية، ونظامها السياسي، وأسلوبها في الحياة. ولكل ثقافة من تلك الثقافات العديدة فنها التشكيلي والمعماري المتميز. وتظهر الاختلافات في المواد المستعملة والأغراض التي تستعمل فيها المنتجات الفنية، كما تظهر في النتائج المتحققة. فحيث يتفوق بعضها في نحت الخشب، تتفوق ثقافات أخرى في صب المعادن وصناعة المنتجات الفنية منها. وبينما قد تستخدم ثقافة من تلك الثقافات إناء مزخرفاً في تبريد الماء، تستخدم ثقافة أخرى الإناء نفسه في الطقوس الدينية.
ومعظم المنتجات الفنية الإفريقية هي الأقنعة، والتماثيل، والأثاث، والقماش، والأواني، والسلال، والمنتجات المعدنية والحلي. والغالب على هذه المنتجات أن تكون إما مصبوبة أو منحوتة. فعلى سبيل المثال يقوم الرجال بانتاج الأقنعة والتماثيل التي تصور أشكالاً آدمية وحيوانية، أما حيثما يكون العمل الفني ذا بعدين، كما هو الحال في التصميمات الفنية على القماش، أو في الأشكال المرسومة على حوائط المنازل، فإن المرأة هي التي تقوم بالإنتاج.


للتحميل أضغط هنا 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

{كتاب} : الفن الحديث

لتحميل الكتاب أضغط هنا  - من متن الكتاب  كان لأربعة من فلاسفة أواخر التاسع عشر وأوائل القرن العشرين أكبر الأثر على علم الجمال المعاصر. ففي فرنسا عرف هنري بيرجسون العلوم بأنها موهبة خلق نظام من الرموز التي يفترض أن تصف الحقيقة وفي نفس الوقت تخدعنا عنها. وأن الفن يقوم على الحدس الذي هو الإدراك المباشر للحقيقة بدون وساطة التفكير. ولذلك فإن الفن يخترق الرموز والعقائد عند الناس والحياة والمجتمع ويضع الإنسان أمام الحقيقة وجهاً لوجه. وفي إيطاليا مجد الفيلسوف والمؤرخ بنديتو كورسي الحدس ولكنه اعتبره الإدراك الفوري للشيء والذي يمنح هذا الشيء شكله. وأنه إدراك الإنسان للأشياء قبل أن يفكر فيها. وأن الأعمال الفنية هي التعبير المادي عن الشكل وعن هذا الإدراك، أن الجمال والقبح ليسا صفتان للعمل الفني ولكنهما من صفات الروح التي عبرت عن نفسها بالحدس  في تلك الأعمال الفنية. أما الفيلسوف والشاعر الأمريكي جورج سانتايانا فقد جادل قائلا: أنه عندما يحس الإنسان بالسرور من شيء ما فإن ذلك السرور يمكن اعتباره صفة للشيء ذاته بدلاً من اعتباره استجابة ذاتية للشيء، بالضبط كما يقوم الإنسان ب

{كتاب} : دراسات نقدية فنية وأدبية

لتحميل الكتاب أضغط هنا   - من متن الكتاب  قراءة في شعر الزبيري ينسب شعر الزبيري من قبل الدارسين إلى الكلاسيكية الجديدة وإن كانوا يوردون له بعض القصائد التي يقولون أنها رومانسية؛ ومن هذه القصائد الشهيرة قصيدة (البلبل) التي مطلعها: بعثت الصبابة يا بلبل                 كأنك خالقها الأول غناؤك يملأ مجرى دمي                 ويفعل في القلب ما يفعل إضافة إلى قصيدة حنين الطائر التي مطلعها: أملٌ غيرُ متاح وفؤادٌ غير صاح أنا طيرٌ حطمَ المقدور                 عشي وجناحي ورماني في نثارٍ                 من دموعي ونواحي أما بقية شعره فإن الدارسين لشعر الزبيري ومنهم الأستاذ/ عبد العزيز المقالح والأستاذ/ عبد الله البردوني فإنهم ينسبونه إلى الكلاسيكية الجديدة؛ ولكنني أخالفهما الرأي وأعتقد أن الزبيري تجسيد للرومانسية، فإذا كانت الرومانسية تعني التحرر من القيود والتحلل من كل أشكال الروابط التي تجعل الإنسان على غير سجيته ومن ثم يكون نزاعاً إلى الحرية التي تتمظهر غالباً بالتمرد على السلطة سواءً كانت سلطةً سياسةً أو دينية أو ثقافية. وهذا النزوع الرومانسي