لتحميل الكتاب أضغط هنا
- من متن الكتاب
تركز العديد من الدراسات على الحاجة إلى
العدو في المجتمعات المأزومة بوصفه يمثل حلا للأزمة أو الأزمات، فوجود عدو يؤدي
الى شحذ الهمم والعمل على بناء القوة الذاتية التي لايمكن بناؤها في المجتمع
المعاصر الا ببناء دولة قوية ثابتة الاركان يسودها النظام والقانون، كما يؤدي الى
تجاوز الإحن الصغيرة بين مكونات المجتمع والتركيز على التحدي الاكبر وهو العدو
الذي يهدد الجميع.
ولكن يصعب تصور أن يساهم العدو في حل
الأزمة خاصة إذا كان مختلقاً لصرف الانتباه عن الأسباب الحقيقية للأزمات. لا يمنع
هذا التحفظ من التعرض لقضية توظيف العدو لمواجهة أزمات المجتمع حيث عادة يتم تأجيل
البحث عن حل داخلي للأزمة. وتلجأ بعض القوى السياسية – وغالباً ما تكون السلطة
السياسية نفسها – إلى إعطاء المجموعة عدواً خارجياً أو داخليا ، وفي اليمن كان
توجيه السلطة العداء باختلاق العدو الاشتراكي او العدو الحوثي خدمةا لمصلحة قوة خارحية، وجلبا للازمة الى المجتمع اليمني
لتفتيته واضعاف مناعته، وهو ما لا تقوم به
الا سلطة عميلة.
مقاربات نظرية:
يذكر إدوارد سعيد أن أزمة الهوية وهي
إحدى أكثر العلاقات تجسيداً للآخر في العصر الراهن لا تظهر إلا في المجتمعات التي
تدخل في ديناميكية الحداثة. وتعنى الأزمة هنا مجرد بدء الجهد المؤلف أو المفرح في
تحديد الذات، وهي لم تبدأ إلا بالحداثة أو باكتشاف الغرب. وتلك في رأيي وجهة نظر
غير صحيحة، اذ ان الآخر قد وجد بمجرد تكون الخلية الاولى للمجتمع اي الاسرة -
هابيل وقابيل – ومعها ازمة الهوية.
وترى الأستاذة في علم الاجتماع السياسي
دلال البرزى أن هذه الوظيفة للآخر تظهر لدى طرفى العلاقة رغم عدم التكافؤ، أى لدى
الغالب والمغلوب، لكن الفرق يكمن في كون الغالب هو المبادر والقادر على طرحها،
جاعلاً من هذه الوظيفة لدى المغلوب "أزمة" تدوم بدوام غلبته.
مصطلح " الآخر" قد يوظف فقط
لتعريف الهوية وبنائها، بينما مصطلح "العدو" يستخدم لتوجيه اللوم إلى
الأحداث السيئة في الحياة. فالعدو ينشا فقط لدى الاعتقاد بوجود اختلافات جوهرية
"بيننا" و"بينهم" مع ربط هذه الاختلافات بتمييز مواز بين
الخير (نحن) والشر (هم)، وهو ما يؤدي عادة إلى نزع الطابع الإنساني عن الآخر
العدو، وبالتالي سيادة النمط العدائي العنيف في التعامل مع الآخر في هذه الحالة.
يرى فيلهو هارلي أن فكرة العدو تنبع
نفسياً من قيام الجماعة بتحديد شرها بنسبته إلى "أنتم" أو
"الآخرين" ومن ثم يصبح أنتم "الآخر" هم العدو. ومن الناحية
الاجتماعية فإن العدو نتاج مشترك يتشكل اجتماعياً منا جميعاً معاً، فالعدو عادة
ليس ظاهرة فردية ينجزها شخص واحد بمفرده. ثقافياً، بل تتشكل الذات والآخر في إطار
التقاليد المتداولة عبر المواريث من جيل إلى آخر، وهي بطبيعتها لا تعبر عن حقيقة
مطلقة أو موضوعية. ويري جيمس أهو إمكانية تلمس مصدر العدو في الأفكار الدينية ويميز
في هذا الإطار بين فئتين
تعليقات
إرسال تعليق